الخميس، 1 أكتوبر 2015

خطوات تصميم برامج التدخل المهني في إطار الممارسة العامة

خطوات تصميم برامج التدخل المهني في إطار الممارسة العامة
يقدم تعريف الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية أساساً لنموذج التدخل المهني في الممارسة العامة The Generalist Intervention Model (GIM)، وهو عبارة عن نموذج ممارسة متدرج يهتم بكيفية القيام بعملية التغيير المخطط التي يستخدمها الأخصائي الاجتماعي "الممارس العام" لمساعدة أنساق العملاء للوصول إلى أهدافهم، فعملية التغيير هي "كيف" في ممارسة الخدمة الاجتماعية.
ويمثل نموذج التدخل المهني في الممارسة العامة تتويجاً لجهود الأخصائيين الاجتماعيين الذين قاموا بتوظيف العديد من المعارف والنظريات والمداخل العلمية في مجالات الممارسة المهنية للخدمات الاجتماعية وتطويرها وفقاً للمتغيرات الاجتاعية والحضارية التي سادت المجتمع الإنساني في النصف الأخير من القرن الماضي، وما تمخض عنها من ظهور هذا النموذج الذي ميز ممارسة الخدمة الاجتماعية وتطوير أساليب تعاملها مع العملاء. وترى "أشمان وهيل" K. Ashman & G. Hull أن نموذج التدخل المهني للممارسة العامة يتميز بخصائص رئيسية هي:
1- يفترض هذا النموذج أن الأخصائيين يكتسبون قاعدة معرفة انتقائية ومدى واسع من المهارات لاستهداف أنساق من أي حجم، إضافة إلى قاعدة من القيم المهنية، وهذا الأساس يعكس الطبيعة المتفردة للخدمة الاجتماعية.
2- يركز النموذج على عملية التغيير التي تؤكد على تقدير مواطن قوى العميل، وتتم من خلال خطوات إرشادية تتمثل في الارتباط، والتقدير، والتخطيط، والتنفيذ، والتقييم، والإنهاء والمتابعة.
3- يفترض هذا النموذج أن أي مشكلة يمكن تحليلها وتناولها من مستويات عديدة للتدخل، ويوجه نموذج التدخل المهني في الممارسة العامة نحو تناول المشكلات والقضايا التي تتضمن ليس فقط الأفراد بل الجماعات، والمنظمات والمجتمعات، والسياسات الاجتماعية الكبرى أيضاً، وبعبارة أخرى فإن هذا النموذج يتضمن مستويات رئيسية هي (الميكرو – الميزو – الماكرو) كأهداف للتغيير أو للنسق المستهدف بالنسبة للأخصائيين الاجتماعيين.
4- يستخدم هذا النموذج العديد من الأساليب والطرق الفنية التي تتسم بالمرونة في التطبيق لحل مشكلات العملاء؛ حيث يجب أن يتوافر لدى الأخصائي الاجتماعي "الممارس العام" العديد من مهارات حل المشكلة التي يمكن تصنيفها إلى نوعين من المهارتات هما:
المهارات العامة: General Skills
وهي تلك المهارات التر ترتبط مباشرة بخطوات التدخل المهني للممارسة العامة، ومنها:
- مهارات الاتصال والتي تتضمن كيفية تكوين العلاقة المهنية مع كل مستوى من المستويات، كيفية استخدام أساليب الاتصال اللفظي وغير اللفظي، الاتصال مع المؤسسات ومنظمات المجتمع.
- مهارات تحليل المشكلات والمواقف، وتحديد العلاقات بين العوامل والمتغيرات، والعلاقات بين نسق العميل والأنساق الأخرى المساهمة في المشكلة، وصياغة المشكلات في ضوء العوامل المرتبطة بها.
- مهارات صياغة التعاقد من حيث إقناع العميل بالاتفاق على تحديد المشكلة ووضع الأهداف وتحديد المهام والمراحل الزمنية لتنفيذ الخطة.
- المهارة في صياغة الأهداف وتحديد الأدوار والتحكم في التدخل المهني وإدراك التقدم الذي يطرأ على حالة العملاء، واختيار أساليب وإبدالها أو تغييرها وفقاً للظروف أو المواقف الطارئة.
• المهارات الخاصة بكل مستوى من مستويات العملاء:
سبق أن أوضحنا أن الممارسة العامة وفقاً لنظرية الأنساق تتعامل مع ثلاثة مستويات من العملاء وهم الميكرو والميزو والماكرو. بالإضافة إلى المهارات العامة التي يجب أن تتوافر في الأخصائي الاجتماعي؛ فهناك المهارات النوعية بكل مستوى من هذه المستويات والتي يمكن تصنيفها إلى:
1- مهارات على مستوى الميكرو Micro Skills: حيث تتضمن المهارات المتعلقة بالتعامل مع الأفراد مثل مهارات التقابل، والملاحظة، والقياس ومهارات تطبيق أساليب التدخل المهني المتنوعة، والمهارة في انتقار الأساليب التي تتناسب مع مشكلة العميل، والمهارة في تكوين العلاقة المهنية مع العميل.
2- مهارات على مستوى الميزو Mezzo Skills: يعمل الأخصائي الاجتماعي "الممارس العام" مع نوعية من الجماعات هي الجماعات العلاجية Treatment Groups وجماعات المهام Task Groups ومن هنا فإن مهاراته ترتبط بكلا النوعية من الجماعات حيث تتضمن هذه المهارات، المهارة في استخدام العلاقات الجماعية، والمهارة في مساعدة الجماعة على تصميم واستخدام النماذج، والمهارة في استخدام إمكانيات وموارد المؤسسات والمجتمع، والمهارة في التقويم، والمهارة في فهم ديناميكية الجماعة، والمهارة في توجيه المناقشة الجماعية، والمهارة في استخدام تكنيكات العمل مع الجماعات مثل النمذجة والمواجهة ولعب الدور وغيرها.
3- مهارات على مستوى الماكرو Macro Skills: من أهم هذه المهارات:
‌أ- مهارات العملية Process Skills: المهارة في إقامة وتدعيم العلاقة مع سكان المجتمع – المهارة في تنمية إدراك سكان المجتمعات المحلية لمشكلاتهم – المهارة في استثارة سكان المجتمع للمشاركة – المهارة في اكتشاف وتدريب القيادات الشعبية – المهارة في تنظيم سكان المجتمع.
‌ب- مهارات التخطيط Planning Skills: المهارات المرتبطة بالأهداف المادية Task Skills (مهارات استخدام مدخل حل المشكلة) مثل المهارة في تحديد وتنمية الموارد، والمهارة في وضع وتصميم البرامج والمشروعات.
‌ج- مهارات التنسيق Coordination Skills: مثل المهارة في العمل بين المنظمات.
‌د- مهارات الدفاع Advocacy Skills: مثل المهارة في تنظيم الفئات المظلومة للدفاع والمطالبة بحقوقهم.

وخلاصة القول فإن الأخصائي الاجتماعي "الممارس العام" يجب أن يتوافر لديه المهارات التي تيسر له التعامل مع جميع أنساق العملاء في الخدمة الاجتماعية بحيث لا يتقيد بنظرية معينة أو بطريقة معينة، ولكن يستخدم كل ما يتوافر لديه من مهارات وفنيات لتحقيق أهداف العملاء، وذلك من خلال مجموعة من الخطوات المنظمة والمحددة التي تساعد على تحقيق هذه الأهداف.
وقبل أن نتناول هذه الخطوات بالتفصيل نشير إلى أننا نعتمد على الخطوات التقليدية في حل المشكلة...، ومع ذلك نضع هذه الخطوات في إطار مختلف وذلك من منظور الأنساق واضعين في الاعتبار النوعية الديناميكية (النشطة) لحياة العملاء فضلاً عن العالم المتغير باستمرار والذي نعيش فيه عندما يأتي لنا كل يوم جديد بمجموعة من المتغيرات تطرأ على أي موقف معين.
لذا فإن نموذج حل المشكلة The problem – Solving Model يعد من الأسس المميزة للممارسة العامة، ونشير في هذا الصدد أن هناك من يعتقد أن نموذج حل المشكلة يرتبط بكيفية التعامل مع المواقف بشكل منتظم في إطار العمل على تفهم المشكلة ثم تحليل عناصره وللتوصل إلى حلول معينة يتم تطبيقها وتقييمها، ولقد ارتبط نموذج حل المشكلة بممارسة الخدمة الاجتماعية خلال فترات تطور المهنة حتى اعتبر كل من Compton & Gallway (1997) أن ممارسة الخدمة الاجتماعية في شكلها الأساسي هي عملية لحل المشكلة، إلا أن الكتلة الحديثة في الخدمة الاجتماعية وجدت أن أنشطة الخدمة الاجتماعية لا تقتصر فقط على نموذج حل المشكلة؛ حيث بدأ التفكير في تقوية ذات العميل، وتهيئته لمواجهة الظروف التي يواجهها والتي ليست بالضرورة تمثل "مشكلة"، ونرى التحفظ هنا على عمل الأخصائي الاجتماعي على أنه حلال للمشاكل؛ حيث يقلص ذلك نطاق عمله، ويضعه في صورة مبسطة وغير فعالة.
ويمكننا في عرض خطوات نموذج التدخل المهني في الممارسة العامة (GIM) أن نستفيد من خطوات نموذج حل المشكلة؛ حيث أنه يستند على منهاج محدد يتميز بالمنطقية والترابطية، لذلك يرى بعض الممارسين في الخدمة الاجتماعية أن نموذج حل المشكلة يعتبر ضمن الأسس العامة للممارسة المهنية.
هذا ولابد أن نشير إلى أن الأخصائي الاجتماعي "الممارس العام" يعتمد في تدخله المهني على خطوات محددة تشمل عدد من الأساليب الفنية التي تنتمي إلى العديد من النظريات العلمية؛ حيث يتوقف اختياره لهذه الأساليب على طبيعة الموقف الإشكالي ووظيفة المؤسسة التي يعمل بها إلى جانب مهاراته وخبراته ومعارفه لتحديد استراتيجيات وتكتيكات التدخل المهني في تلك المواقف، وفيما يلي عرض رؤية لخطوات نموذج التدخل المهني في الممارسة العامة (GIM) لـ "أشمان وهيل" K. Ashman & G. Hull (2002).

ونلتقى بمشيئة الله تعالى قريباً لنكمل هذا الموضوع
خالص تقديري وإعتزازي
د. أيمن أحمد جلاله
أستاذ مساعد الخدمة الاجتماعية ، وإستشاري الجودة والتطوير الأكاديمي

هناك 4 تعليقات: